الكواكب
مَعَ أن الكواكب، بالمصطلحات الكونية، هي مجرد خُردة ـ غيْر جوهريّة في الحكاية المهيبة لتوسع السماوات ـ فإنها أعقد أنواع الأجسام في الكون وأكثرها تنوعا. فليس بمقدور أي أجسام سماوية أُخرى أن تتحمل مثل هذا التفاعل المعقد للسيرورات الفلكية والجيولوجية والكيميائية والبيولوجية. ولا تستطيع أيّ أمكنة أخرى في الكون أن تدعم وجود الحياة كما نعرفها. إن عوالم منظومتنا الشمسية هائلة التنوع؛ وهي بالكاد أعدّتنا لاكتشافات العَقْد الماضي، الذي عثر فيه الفلكيون على أكثر من 200 كوكب.
قبل عَقْد
من الزمن ليس إلاّ، تعيّن على العلماء، الذين يدرسون كيف تتكوّن الكواكب، أن يبنوا
نظريتهم على مثال وحيد، هو منظومتنا الشمسية. أما الآن، فلديهم عشرات من المنظومات
الناضجة، وعشرات أخرى في حالة مخاض. ولا توجد اثنتان منها تشبه إحداهما الأخرى.
إن مجرّد
التنوع في كتل الكواكب, هذه الأجسام و حجومها وبُناها ومداراتها، يتحدى مَنْ منا
يحاول سبر أغوار أصولها.
وكان في
سبعينات القرن الماضي،يميل النظر إلى تكوّن الكواكب بأنه سيرورة مرتبة جيدا وحتمية
الحدوث: حيث نجد تجميع يُحول أقراصًا غير منظّمة من الغاز والغبار إلى نسخ من
منظومتنا الشمسية.
أما الآن،
فنحن ندرك أن هذه السيرورة شواشيّة، بنتائجَ تختلف من منظومة إلى أخرى.
والعوالم
التي تنشأ هي ما تبقّى إثر جَلَبة من آليّات متنافسة من البناء والهدم.
فقد نُسف
الكثير من هذه العوالم التي أصبحت وقودًا لنيران نجومها المولودة حديثا، أو قذف
بها إلى الفضاء البينجمي.
وربما كان
لأرضنا أقرباء، فُقدوا زمنا طويلا، يتجوّلون عبر الفراغ البهيم
ملاحظة :
نظرية الشواش (Chaos Theory) من أحدث النظريات الرياضية الفيزيائية -وتترجم أحيانا بنظرية الفوضى أو الهرجلة - التي تتعامل مع موضوع الجمل المتحركة (الديناميكية) اللاخطية التي تبدي نوعا من السلوك العشوائي يعرف بالشواش, وينتج هذا السلوك العشوائي إما عن طريق عدم القدرة على تحديد الشروط البدئية (تأثير الفراشة Butterfly Effect) أو عن طريق الطبيعة الفيزيائية الاحتمالية لميكانيك الكم.
تقبع دراسة
تكوّن الكواكب عند تقاطع الفيزياء الفلكية والعلوم الكوكبية والميكانيك الإحصائي
والديناميك اللاخطّي.
وعمومًا،
طوّر علماء الكواكب نظريتين رائدتيْن. فسيناريو التنامي المتتالي يذهب إلى أن
الحبيبات الدقيقة من الغبار تتكتّل معا لتولد شذرات صُلبة من الصخور.
وهذه إما
أن تجذبَ إليها مقاديرَ هائلةً من الغاز لتصبح عمالقة غازية، مثل كوكب المشتري؛ أو
أن لا تفعل ذلك، فتصبح كواكب صخرية، مثل الأرض. العيب الأساسي لهذا السيناريو هو
أنه سيرورة بطيئة وأن الغاز قد يتبدد قبل أن يكتمل تجمعه.
تعليقات
إرسال تعليق